في خطوة جديدة نحو تعزيز الشراكات الدولية في مجال الطاقة، أعلنت شركة “إي إن إن” (ENN Energy) الصينية عن توقيع اتفاقية استراتيجية طويلة الأمد مع شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” لتوريد الغاز الطبيعي المسال. وتمتد الاتفاقية الجديدة لمدة 15 عامًا، وتشمل تزويد السوق الصينية بما يقارب مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال، وهي الكمية الأكبر التي تبرمها أدنوك مع مشتري صيني حتى الآن.
الاتفاقية، التي تم الإعلان عنها رسميًا يوم السبت عبر منصة “وي شات” من قبل الشركة الصينية، تمثل محطة مفصلية في مسار التعاون بين الصين والإمارات في مجال الطاقة، خصوصًا في ظل التحولات العالمية الكبرى في أسواق الطاقة، والتوجه الدولي نحو الاعتماد على مصادر أنظف وأكثر استدامة.
اتفاقية تعزز أمن الطاقة وتنويع الإمدادات
تأتي هذه الصفقة في وقتٍ تتسابق فيه الدول الكبرى على تأمين مصادر موثوقة ومستقرة للطاقة، بعد ما شهده العالم من اضطرابات في سلاسل التوريد خلال الأعوام الماضية. وبحسب البيان الرسمي لشركة ENN الصينية، فإن هذه الاتفاقية تُعد خطوة استراتيجية نحو تعزيز سلسلة إمداد طاقة مستقرة، وتنويع مصادر الغاز، وخصوصًا مع ارتباط الأسعار بأسعار النفط العالمية، وهو ما يوفر مرونة أكبر في التعامل مع تقلبات الأسواق.
وذكرت الشركة الصينية في بيانها:
“بشكل خاص خلال فترات اتساع فروق أسعار النفط والغاز والتقلبات الحادة في السوق، يساعد التعاقد مع أدنوك على إدارة تكاليف المشتريات بشكل فعال، ويعزز قدرتنا على الصمود أمام التغيرات في أسعار الطاقة العالمية”.
وتُظهر هذه الخطوة قدرة الإمارات على تأكيد موقعها كمصدر موثوق ومستقر للطاقة، ليس فقط من خلال الكمّ، بل من خلال الشراكات النوعية التي تقيمها مع الدول الصناعية الكبرى مثل الصين، والتي تعتمد بشكل متزايد على الغاز الطبيعي لتلبية الطلب المتزايد داخليًا.
تعاون إماراتي – صيني يعكس توجهات استراتيجية
الاتفاقية الجديدة تُعد الأكبر من نوعها لأدنوك في السوق الصينية، وتأتي امتدادًا لسلسلة من الاتفاقيات التي أبرمتها الشركة الإماراتية مؤخرًا مع عدد من الشركاء الدوليين في مجالات الطاقة، مثل الهند، وألمانيا، واليابان، وماليزيا. لكنها في الوقت نفسه تمثل نقلة نوعية كونها تفتح أبواب الشراكة طويلة الأمد مع واحد من أكبر مستهلكي الغاز في العالم.
وتعتبر شركة ENN Energy واحدة من أبرز الشركات الخاصة في الصين المتخصصة في توزيع الغاز الطبيعي والطاقة النظيفة، ويُنظر إليها كشريك استراتيجي في جهود بكين للتحول إلى مصادر طاقة أقل انبعاثًا للكربون.
أما بالنسبة للجانب الإماراتي، فإن هذه الاتفاقية تعكس ثقة الشركاء العالميين في كفاءة البنية التحتية للإمارات، خصوصًا في قطاع الغاز الطبيعي المسال، وقدرة أدنوك على توفير منتجات طاقة عالية الجودة وفقًا لأعلى معايير السلامة والاستدامة.
مشروع الرويس في قلب الشراكة.. واستعداد لقيادة التحول في آسيا
سيتم توريد الكميات المتفق عليها إلى شركة ENN من خلال مشروع “الرويس” التابع لأدنوك، وهو واحد من أبرز المشاريع في مجال الغاز الطبيعي المسال في المنطقة. هذا المشروع يعكس رؤية أدنوك المستقبلية في أن تكون لاعبًا رئيسيًا في تزويد العالم بالطاقة النظيفة.
ومع الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي في القارة الآسيوية، وخاصة في الصين التي تسعى إلى تقليل الاعتماد على الفحم، فإن مثل هذه الاتفاقيات تُعتبر حجر أساس في التحول الطاقي الذي تشهده المنطقة. كما أن توقيع اتفاقيات طويلة الأمد بأسعار مرنة ومربوطة بالنفط، يتيح للشركاء مثل ENN فرصًا أكبر للتخطيط المالي والاستثماري بعيد المدى.
الاتفاقية تؤكد كذلك التزام أدنوك بخططها التوسعية في الأسواق الآسيوية، واستثمارها في علاقات قائمة على الاستقرار والثقة مع شركائها، وهو ما يجعلها في موقع متقدم بين مزودي الطاقة حول العالم.
خطوة استراتيجية نحو مستقبل طاقي آمن ومستدام
يمثل توقيع هذه الاتفاقية بين أدنوك وشركة ENN الصينية محطة جديدة في مسيرة التعاون الإماراتي-الصيني، ويعكس عمق الثقة المتبادلة بين الطرفين.
كما تؤكد الصفقة الدور العالمي المتنامي الذي تلعبه الإمارات في قطاع الطاقة، خصوصًا مع تنامي الحاجة العالمية لمصادر طاقة نظيفة ومستقرة.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الاتفاقية من حضور أدنوك في آسيا، وتفتح المجال أمام المزيد من الشراكات المماثلة مع دول أخرى تبحث عن بدائل موثوقة للطاقة، في وقت يشهد فيه العالم تحولات هيكلية في مزيج الطاقة العالمي.
«موانئ أبوظبي» تنجز أول عملية تزويد للسفن بالغاز المسال في ميناء خليفة