تدخل حرب السودان عامها الثالث وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تواصل الأزمة حصد أرواح المدنيين، وتفاقم الجوع، وتدفع ملايين الأشخاص إلى الفرار من منازلهم بحثًا عن الأمان. وفي ظل هذا الوضع المأساوي، وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة نداءً إنسانيًا عاجلًا يدعو إلى إنهاء القتال، وتسهيل وصول المساعدات، وإطلاق حوار سياسي شامل.
حرب السودان.. نزوح جماعي وجوع حاد
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن حرب السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) أسفر عن تهجير 13 مليون شخص، بينهم 8.6 ملايين نازح داخل السودان، و3.8 ملايين لاجئ فروا إلى دول الجوار. وتُشكل النساء والأطفال ما نسبته 88% من النازحين، مما يعكس حجم المأساة الإنسانية.
من جهته، كشف برنامج الأغذية العالمي عن أن أكثر من 24 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد داخل السودان، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية وتعطّل شبكات الإمداد الغذائي. ودعت المنظمة إلى وقف فوري للأعمال العدائية وضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية لإنقاذ أرواح الملايين.
“مع دخول القتال في السودان عامه الثالث، دعت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن السودان، الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار، محذّرة من أن «أظلم فصول» النزاع لم تأتِ بعد.
https://t.co/HWXTEryg61 pic.twitter.com/9PB8aNA61u
— UN Human Rights Council (@UN_HRC) April 14, 2025
تصعيد خطير في دارفور
تشهد مدينة الفاشر ومحيطها تصعيدًا غير مسبوق في حرب السودان، حيث شنت قوات الدعم السريع هجمات مكثفة على المدينة ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين. ووفق ما أعلنته مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن هذه الهجمات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 400 مدني، مع احتمال ارتفاع الأعداد بشكل كبير بسبب استمرار القتال وصعوبة الوصول إلى الضحايا.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامدساني إن “فريقنا في السودان أكد مقتل 148 شخصًا، لكن هناك مصادر موثوقة تحدثت عن أكثر من 400 قتيل”، محذّرة من تدهور الأوضاع في دارفور بشكل سريع وخطير.
وأشار المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى أن هذه الهجمات تمثل “نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي”، مشددًا على أن المدنيين يدفعون الثمن في ظل غياب حل سياسي حقيقي.
موقف الإمارات.. دعوة للسلام ودعم إنساني
في خضم هذه التطورات المأساوية، تؤكد الإمارات العربية المتحدة موقفها الثابت والداعم للسلام والاستقرار في السودان. وقد دعت الإمارات إلى:
وقف فوري للقتال بين جميع الأطراف.
إطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية.
فتح ممرات إنسانية آمنة لتسهيل إيصال المساعدات.
توفير الحماية للنساء والأطفال من تبعات النزاع.
وأكدت الإمارات أن الحل في السودان يجب أن يكون سياسيًا لا عسكريًا، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، واستعادة الاستقرار. كما شددت على استعدادها لتقديم كافة أنواع الدعم الإنساني بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية.
وقدّمت الإمارات خلال الأعوام الماضية مساعدات إنسانية كبيرة للسودانيين، بما في ذلك الغذاء، والمأوى، والخدمات الصحية، وتُواصل العمل مع شركائها الدوليين للتخفيف من معاناة الشعب السوداني.
نداء للضمير العالمي
تؤكد الإمارات أن المأساة في السودان مسؤولية جماعية تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا، وأن استمرار الصراع دون تدخل حاسم سيؤدي إلى مزيد من الانهيار والدمار.
إن دخول حرب السودان عامها الثالث يعني أن هناك ملايين الأرواح على المحك، وأن العالم لا يستطيع أن يظل صامتًا. هناك حاجة إلى ضغط دولي حقيقي لإيقاف الحرب، وتحقيق السلام، وبناء مستقبل أفضل للسودانيين.
يتطلب الوضع في السودان تعاونًا عالميًا من جميع الدول والمنظمات الإنسانية للتصدي للأزمة. إن تفشي المجاعة والدمار قد يؤديان إلى تفشي الأمراض والمشاكل الصحية في المنطقة. الدول الكبرى ومنظمات الأمم المتحدة بحاجة إلى العمل بشكل عاجل لتوفير الموارد اللازمة لمساعدة الشعب السوداني في تخطي هذه المرحلة الصعبة.
يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في الضغط على الأطراف المتحاربة لإيجاد حل سلمي، وضمان استمرار عمليات الإغاثة الإنسانية. السودان بحاجة إلى السلام الآن أكثر من أي وقت مضى، وأي تأخير سيؤدي إلى مزيد من الضحايا والأضرار التي يصعب إصلاحها.
أهمية الدعم الإقليمي لتحقيق الاستقرار
بجانب الدعم الدولي، يلعب الدور الإقليمي دورًا حيويًا في تحقيق الاستقرار في السودان. الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، قادرة على تقديم دعم سياسي واقتصادي لإنهاء حرب السودان. التعاون بين الدول المجاورة للسودان يُعد عاملًا أساسيًا في تسريع عملية الحوار السياسي وإنهاء المعاناة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني.
يمكن للإمارات، عبر جهودها الإنسانية والدبلوماسية، أن تكون حلقة وصل حيوية بين الأطراف المختلفة لدفع عملية السلام وتحقيق الاستقرار الإقليمي في السودان، وإنهاء حرب السودان، التي لا يوجد أي طرف رابح فيها على الإطلاق.
الإمارات توقع اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي لتقديم مساعدات غذائية طارئة للسودان وجنوب السودان