يُعد متحف الفجيرة واحدًا من أهم المتاحف الأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة. يعكس تاريخ الأجداد، وتراثهم العريق عبر آلاف السنين. يمثل نافذة فريدة على الماضي. ويضم مجموعة نادرة من القطع الأثرية التي تم اكتشافها خلال عمليات التنقيب المستمرة، والتي تحكي قصة الحضارات التي تعاقبت على أرض الفجيرة منذ العصر الحجري وحتى العصر الإسلامي وما بعده.
بداية متحف الفجيرة والتطور
بدأت فكرة إنشاء متحف الفجيرة في عام 1969، كغرفة صغيرة ملحقة بمكتبة خالد بن الوليد. كانت تحتوي على مجموعة محدودة من الأسلحة والأواني الفخارية والعملات القديمة التي جمعتها الحكومة المحلية من مواقع مختلفة في الإمارة. ومع مرور الزمن، أدركت السلطات أهمية المحافظة على التراث الثقافي وإبرازه للأجيال القادمة. تم العمل على تطوير المتحف وتوسيعه ليشمل مجموعات أثرية أكثر تنوعًا.
وفي عام 1991، افتُتح المتحف رسميًا ليصبح اليوم واحدًا من أبرز المعالم الثقافية والسياحية في الإمارات. يضم أكثر من 3,000 قطعة أثرية نادرة. ومنذ ذلك الحين، شهد المتحف تحديثات مستمرة من حيث المحتوى وأساليب العرض، ليواكب التطورات في مجال المتاحف الحديثة.
أقسام المتحف: رحلة عبر الزمن
يتميز متحف الفجيرة بتقسيمه الزمني. يتم عرض القطع الأثرية وفق الفترات التاريخية المختلفة التي مرت بها المنطقة. يمنح الزائرين فرصة للتعرف على التطور التاريخي لإمارة الفجيرة بشكل خاص، والإمارات بشكل عام. تشمل هذه الفترات:
- العصر الحجري (الألف الخامس والرابع قبل الميلاد): يحتوي هذا القسم على أدوات حجرية وأوانٍ فخارية تعكس طبيعة الحياة البدائية.
- حضارة حفيت (3200 – 2700 ق.م): تتميز بوجود المقابر الدائرية التي كانت تُستخدم لدفن الموتى.
- حضارة أم النار (2700 – 2200 ق.م): التي شهدت تطورات في الصناعات الفخارية والنحاسية.
- العصر البرونزي والحديدي (2200 – 600 ق.م): حيث ازدهرت الزراعة والتجارة في المنطقة.
- فترة ما قبل الإسلام (600 – 630م): والتي شهدت انتشار أنظمة الري المتطورة والتوسع في التجارة البحرية.
- الحضارة الإسلامية: حيث ظهرت الكتابات الإسلامية والفنون الزخرفية التي تعكس التأثير الإسلامي في المنطقة.
أبرز المقتنيات الأثرية
يحتوي المتحف على مجموعة مميزة من القطع الأثرية التي تعكس الحياة اليومية في العصور القديمة. ومن بين أبرز هذه المقتنيات:
- بيضة النعامة المنقوشة: والتي كانت تُستخدم قديمًا كوعاء لحفظ السوائل أو للزينة. تعكس مدى اهتمام الإنسان القديم بالفنون والزخرفة.
- الجرار والأقداح والأطباق البرونزية: التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد. تظهر براعة سكان المنطقة في الصناعات المعدنية.
- عملة حكومة الفجيرة الذهبية والفضية: والتي صدرت بين عامي 1968 و1972. تعتبر من القطع النادرة التي توثق مرحلة مهمة في تاريخ الإمارة الاقتصادي.
- أسلحة تقليدية: تشمل السيوف والخناجر والبنادق القديمة التي كانت تُستخدم في الحروب والصيد. تعكس تطور الأسلحة عبر العصور.
التراث الإماراتي في قاعات متحف الفجيرة
إلى جانب المعروضات الأثرية، يولي متحف الفجيرة اهتمامًا كبيرًا بعرض جوانب الحياة التقليدية في الإمارة. يضم المتحف ثلاث قاعات رئيسية مخصصة للتراث، والتي تتيح للزوار فرصة فريدة لاستكشاف أسلوب الحياة القديم من خلال المعروضات المتنوعة، مثل:
- الزراعة والصيد والتجارة: حيث يتم عرض الأدوات الزراعية القديمة التي استخدمها المزارعون في ري الأراضي. بالإضافة إلى معدات الصيد البحري مثل الشباك والقوارب التقليدية.
- الأزياء التقليدية: التي تعكس هوية وثقافة الإمارات، بما في ذلك الملابس الرجالية والنسائية المطرزة يدويًا.
- الأسلحة القديمة: التي تُظهر فنون القتال وأدوات الدفاع عن النفس التي استخدمها السكان المحليون عبر العصور.
- البيت الشعبي القديم: حيث يمكن للزوار رؤية نموذج متكامل لمنزل إماراتي تقليدي، بما في ذلك الأثاث والأدوات المنزلية التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية.