مقالة بقلم: الباحث الأكاديمي السيد الدكتور إيدي كوهين.
إيدي كوهين: “صُناع السلام”
منذ الإعلان عن اتفاق السلام والتطبيع الكامل للعلاقات؛ بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، والمنطقة بأسرها تتجه في خطى متسارعة نحو تغيير شامل، سيؤدي إلي الارتقاء بالمنطقة للأفضل على مختلف المستويات، اقتصاديا؛ تجارياً، علمياً؛ ثقافياً وبالطبع أمنياً، وتغيير يجعلنا بحق أمام “شرق أوسط جديد” أكثر استقراراً وأمناً وقدرةً على مواجهة التحديات والمخاطر الكثيرة والكبيرة، المحيطة بها شرقاً وغرباً، من إيران إلي تركيا وذيولهم من جماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين؛ حزب الله و حماس الإرهابية، والمرتزقة الأخرين مثل جماعة الحوثي
ذلك التحالف الذي يزرع بذور السلام التي، بدورها، ستنمو نتيجة للتواصل بين الشعوب والتعارف والتزاور، مما يؤدي إلي خلق بيئة طيبة يتبادل فيها البشر الشعور الإنساني المبني على المحبة والخير والرغبة في التعايش. وهنا يحضرني قول الذكر الحكيم “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”.
كما أود الإشارة إلى اسم اتفاقيات السلام الأخير “اتفاق إبراهيم” فهذا الاسم ليس من قبيل الصدفة وعلي سبيل العبث، فهو أسم يحمل دلالات ومعاني عظيمة مليئة بالحكمة والموعظة الحسنة، فنحن اليهود والمسلمين جمعياً من نسل إبراهيم عليه السلام، فنحن أولاد العم، تقول التوراة عن أبينا إبراهيم “إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْكَ وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ لِلْكَثْرَةِ”.فإذا كانت الظروف علي مر التاريخ قد فرقتنا كثيراً، وجعلت بينا عدواه، فجاء الوقت أن يتصالح أولاد العم، ويمد كل منهم يده للأخر بالخير، وأن تتحد سواعدنا من أجل دفع الأخطار المحدقة التي تحيط بنا، حتى نستطيع الحفاظ علي الرخاء الذي تتمتع بها بلادنا، بل ونعمل علي زيادته وضمان استمراريته للأجيال القادمة.
الأجيال التي ستتربى على قيم السلام والحب والتعاون من إسرائيل والإمارات
تلك الأجيال التي ستتربى على قيم السلام والحب والتعاون، التي ستكون سدًا منيعًا في وجه الكراهية، تلك الكراهية التي غيبت عقول الملايين من شعوب المنطقة لعقود طويلة، وجعلتهم يختاروا من يكن لهم الضرر ليتحكم في مصائرهم، وقاموا بتسليم مصائرهم لهم، ليحرقوا ديارهم بأيدهم، تحت شعارات “المقاومة الزائفة”، التي اتضح مع الأيام ما هي إلا شعارات زائفة يروج لها حفنة من المنتفعين والتجار الذين ضللوا الأمة العربية، لحساب مصالحهم المذهبية والمادية الضيقة.
السلام خطوة أكثر من شجاعة
إن السلام الذي تم بين إسرائيل والإمارات هو خطوة يمكن وصفها ليس فقط بالمهمة، بل أنها خطوة أكثر من شجاعة، ما كانت أن تتم لولا وجود زعماء أقوياء في كلا البلدين، زعماء يعلوا من مصلحة بلدانهم، ليس فقط في اللحظة الأنية، بل والمستقبل أيضاً، زعماء يضعون نصب أعينهم الأجيال القادمة، وحجم التحديات التي تنتظرهم، ولذا يعملوا بكل جهد، لإرساء مناخ من التعاون والتكامل على مستوى المنطقة، يبني أسس متينة تنبي بمستقبل مستقر ومزدهر من أجل هذه الأجيال القادمة.
اليوم نرى للمرة الأولي خطوط الطيران بين إسرائيل والإمارات، الكثير من الإسرائيليين يتطلعون بفارغ الصبر لزيارة الإمارات، والتعرف على عادات أهلها، والاستمتاع بكرم الضيافة المعروف عن الإمارتين، والتسوق من مراكزها التجارية التي تحوز علي شهرة عالمية، وقد سبق هؤلاء الإسرائيليين، البضائع الإسرائيلية التي راينا بعضها يعرض للمرة الأولى في أسواق الإمارات العامرة، كما نحن هنا في إسرائيل نتطلع لزيارة أولاد عمومتنا من الإماراتيين ليزوروا الأماكن الإسلامية المقدسة، ويتمتعوا بجمال الطبيعة الساحرة في إسرائيل وشواطئها الجميلة.
ولذا، أود أن أضم صوتي لكل الأصوات التي نادت مؤخراً، بترشيح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والشيخ محمد بن زايد لجائزة نوبل للسلام، فهؤلاء القادة الشجعان يستحقوا عن جدارة هذه الجائزة العريقة، تقديراً لشجاعتهم واختيارهم لطريق السلام. وفي النهاية أود توجيه التحية لروح الغائب الحاضر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، الذي أسسها على مبادئ التسامح والتعايش، مما جعل من الإمارات نموذج مشرف للعالم العربي والإسلامي، يقدم الإسلام المعتدل، ويناهض الكراهية والتطرف.