في خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي في مواجهة التحديات المناخية المتزايدة، شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في اجتماع مجلس الوزراء العرب المعنيين بالأرصاد الجوية والمناخ، الذي عُقد يوم الخميس بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. الاجتماع جاء بحضور ممثلين عن أجهزة الأرصاد الجوية العربية والمسؤولين المعنيين بالمناخ في الدول العربية، حيث كان الهدف الرئيس هو التشاور حول كيفية تعزيز الجهود العربية لمواجهة التغيرات المناخية التي تهدد البيئة والاقتصادات في المنطقة.
الأمانة العامة تعقد الدورة الرابعة لمجلس الوزراء العرب المعنيين بشؤون #الأرصاد_الجوية و #المناخ.https://t.co/FiZrez8Eor pic.twitter.com/K2KM8ci8gi
— جامعة الدول العربية (@arableague_gs) April 17, 2025
ترأس وفد الإمارات في هذا الاجتماع الدكتور عبد الله أحمد المندوس، مدير عام المركز الوطني للأرصاد ورئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الذي أكد في كلمته على ضرورة تنسيق الجهود العربية لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة. وباعتباره رئيسًا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، طرح المندوس رؤية الإمارات في هذا السياق، داعيًا إلى تعزيز التعاون الإقليمي لضمان استجابة فعّالة لمخاطر التغير المناخي.
التحديات المناخية في المنطقة العربية وتأثيراتها
خلال كلمته، تناول الدكتور عبد الله المندوس التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة العربية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. وأشار إلى أن المنطقة العربية تشهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة الذي يفوق المعدلات العالمية، وهو ما أدى إلى زيادة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف، الفيضانات، والعواصف الرملية. وأضاف أن هذه الظواهر لا تؤثر فقط على البيئة بل تضع ضغوطًا هائلة على الاقتصادات العربية، خاصة في قطاعات الزراعة والمياه، التي تعد من أهم الأعمدة الاقتصادية في المنطقة.
وأوضح المندوس أن التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أظهرت أن المنطقة العربية تكبدت خسائر اقتصادية تُقدر بحوالي 60 مليار دولار نتيجة لظواهر مثل الجفاف، الزلازل، والفيضانات. وأكد أن هذه الظواهر أدت إلى خسائر بشرية فادحة، مما يبرز الحاجة الماسة إلى تدابير أكثر فعالية للتعامل مع هذه التحديات.
وأشار إلى أن هناك تزايدًا ملحوظًا في النمو السكاني في المدن العربية، حيث تضاعف عدد سكان المناطق الحضرية أربع مرات في العقود الأخيرة، ومن المتوقع أن يتضاعف مجددًا في العقود القادمة. هذا النمو السكاني السريع يشكل ضغطًا هائلًا على البنية التحتية والموارد الطبيعية، مما يجعل من الضروري تطوير استراتيجيات فعّالة لإدارة هذه التحديات.
أهمية استعداد المنطقة لمواجهة الكوارث الطبيعية
أشار المندوس إلى أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات التي شهدتها بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة تشكل تحذيرًا بشأن ضرورة الاستعداد لمواجهة هذه التحديات. على سبيل المثال، تحدث عن الزلازل التي ضربت سوريا والمغرب، والفيضانات التي اجتاحت ليبيا نتيجة العاصفة “دانيال”. هذه الكوارث أظهرت الحاجة الماسة لتوفير آليات استجابة سريعة وفعّالة، بالإضافة إلى تعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
وأوضح المندوس أن الفجوة في تمويل التكيف مع التغير المناخي تمثل تحديًا كبيرًا للمنطقة. إذا لم يتم سد هذه الفجوة، فإن التأثيرات السلبية للتغير المناخي قد تتفاقم، بما في ذلك زيادة معدلات النزوح بسبب فقدان المأوى أو الفرص الاقتصادية في المناطق المتأثرة. وأكد أن هذه التحديات تتطلب استجابة موحدة ومتكاملة من جميع الدول العربية.
وفي هذا السياق، شدد المندوس على أهمية تعزيز التعاون بين خدمات الأرصاد الجوية الوطنية ومنظمات الاستجابة للكوارث، مشيرًا إلى أن الأنظمة المتطورة للإنذار المبكر التي تمتلكها بعض الدول العربية تمثل شريان حياة للفئات الأكثر ضعفًا في مواجهة هذه الكوارث. وأكد أن هذه الأنظمة تعتبر تقدمًا تكنولوجيًا كبيرًا، وتساهم في إنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات في حالات الطوارئ.
تعزيز التعاون الإقليمي وتطوير الخطط الاستراتيجية
أوضح المندوس أن المرحلة المقبلة تتطلب تطوير خطة استراتيجية إقليمية عربية متكاملة لمواجهة التحديات المناخية. هذه الخطة يجب أن تشمل برامج للتكيف مع التغيرات المناخية، إضافة إلى تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية. كما يجب أن تركز على تقليل الأضرار الناجمة عن التوسع الحضري السريع والنمو السكاني، مما يساعد في ضمان استدامة النمو الاقتصادي في المنطقة.
وأشار إلى أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تعمل حاليًا على إعداد خطتها الاستراتيجية للفترة 2028-2031، وهي فرصة هامة للمنطقة العربية لتضمين احتياجاتها الخاصة ضمن هذه الخطة العالمية. وأكد أن الإمارات تدعم بقوة دمج التحديات الفريدة التي تواجهها المنطقة في هذه الخطة، مشيرًا إلى أن المنطقة العربية بحاجة إلى المزيد من التعاون الدولي لتوفير التمويل اللازم للتكيف مع التغير المناخي.
كما دعا المندوس إلى ضرورة المشاركة الفاعلة من قبل الدول العربية في عملية التخطيط الاستراتيجي لهذه الخطة، حيث أن هذه الفترة تمثل لحظة محورية لضمان أن أولويات المنطقة في مجالات الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا تُدمج فعليًا ضمن الخطط الاستراتيجية والتشغيلية العالمية للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
مشاركة دولة الإمارات في اجتماع مجلس الوزراء العرب المعنيين بالأرصاد الجوية والمناخ تأتي في وقت بالغ الأهمية، حيث تشهد المنطقة العربية تحديات بيئية ومناخية متزايدة. إن تعزيز التعاون بين الدول العربية في هذا المجال وتطوير استراتيجيات فعّالة لمواجهة المخاطر المناخية من خلال تعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية يمثل خطوة حاسمة لضمان استدامة المنطقة في مواجهة التحديات المستقبلية.
من خلال دعم خطط المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يمكن لدولة الإمارات أن تلعب دورًا محوريًا في تقديم حلول مبتكرة لمواجهة الأزمات البيئية التي تؤثر على المنطقة، وتحقيق تحول نحو بيئة أكثر استدامة ومرونة في مواجهة التغيرات المناخية.
دبي الرقمية تحصد “أفضل بيئة عمل” عالميًا للعام الثاني على التوالي