بعد أربع سنوات من الهزيمة، حقق دونالد ترامب مراده وعاد إلى البيت الأبيض في 2024، مُسجلاً “ريمونتادا” تاريخية بعد تحديات قضائية وسياسية هائلة. نجح ترامب في تجاوز العقبات التي اعترضت طريقه، مظهراً قدرته الفائقة على الصمود والانتقام
السياسي من خصومه. وفي النهاية، وصف ترامب نصره بـ “أعظم انتصار في تاريخ السياسة الأمريكية”، ليعود إلى قلب المشهد السياسي بعد أن خاض معركة صعبة وعنيفة للوصول إلى هذه اللحظة.
البداية: الهزيمة والشكوك
بدأت رحلة عودة ترامب في 20 يناير 2021، يوم تسليم مقاليد البيت الأبيض
إلى الرئيس الجديد جو بايدن، بعد فوز الأخير في انتخابات 2020. ورغم الهزيمة، ظل ترامب في صدارة المشهد السياسي الأمريكي، حيث شكك علنًا في نزاهة الانتخابات، مما عزز صورته كـ “مُحارب” ضد “النظام”. هذه التصريحات لم تؤدِ إلى تغيير في نتائج الانتخابات،
لكنها منحت ترامب قاعدة دعم موسعة، بل وجعلته “رجل المرحلة” بالنسبة للعديد من الأمريكيين الذين اعتبروا أنه يمثل القوة الوحيدة القادرة على مواجهة تحديات أمريكا في العصر الحديث.
ترامب وحصاره القانوني والسياسي
لم تكن فترة ما بعد الانتخابات سهلة بالنسبة لترامب، فقد واجه العديد من القضايا القانونية
التي كانت تهدد مستقبله السياسي. من التحقيقات المتعلقة بمحاولات تغيير نتائج الانتخابات،
إلى قضية احتفاظه بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، كان من الممكن لتلك القضايا
أن تنهي تمامًا فرصه في العودة. لكن ترامب أصر على استكمال المعركة، مُصرًا على أن كفاحه هو “معركة ضد النظام”، مما أضاف إلى شعبيته وجعل قاعدة دعمه أكثر تمسكًا به.
العودة للترشح: تحضير طويل
في نوفمبر 2022، أعلن ترامب عن نيته الترشح مجددًا في انتخابات 2024، على
الرغم من المعارضة التي واجهها داخل حزبه. ولكن استطلاعات الرأي أظهرت أنه لا يزال الأقوى في الحزب الجمهوري، وهو ما أتاح له فرصة تقديم نفسه كزعيم للمستقبل الأمريكي، مؤكداً على شعاره “أمريكا أولاً” الذي ركز على القضايا الاقتصادية والحفاظ على الهوية الأمريكية.
من خلال تلك الحملة، استمر ترامب في تقديم نفسه كحامي
“الطبقة العاملة” التي كانت ترى فيه المنقذ من سياسات التوسع الاقتصادي التي اتبعها الحزب الديمقراطي.
أولى المعارك: الحزب الجمهوري
عندما بدأ ترامب حملته الانتخابية في 2024، واجه معركة شرسة في داخل حزبه الجمهوري
ضد الجمهوريين التقليديين، وعلى رأسهم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس الذي كان
يعد نفسه البديل المعتدل لترامب. ولكن رغم هذه التحديات، حافظ ترامب على قاعدته الشعبية التي تضم الطبقات العاملة والجمهوريين المحافظين، حيث كان يُنظر إليه كأحد أبرز المناهضين لسياسات النخبة الليبرالية.
استغل ترامب منصة “تروث سوشيال”، التي أسسها شخصيًا، ليواصل التواصل مع أنصاره. على الرغم من إغلاق حساباته على منصات مثل تويتر وفيسبوك، ظل تأثيره قويًا بين الناخبين، مُسلحًا بخطاباته العاطفية والشخصية التي كانت تثير الحماسة والولاء.
المناظرة الأولى: معركة ترامب ضد بايدن
في 28 يونيو 2024، التقى دونالد ترامب مع خصمه جو بايدن في أولى مناظرات الانتخابات الرئاسية. كانت تلك المناظرة مثيرة للجدل حيث قدم ترامب نفسه كزعيم قوي قادر على إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي ومواجهة التحديات الأمنية. على الجانب الآخر، حاول بايدن التمسك بما تبقى من إرثه السياسي، خاصة في مجالات السياسة الخارجية والاقتصاد.
لكن ترامب كان هو الأكثر تميزًا في المناظرة، مما أدى إلى مراجعة الحزب الديمقراطي لترشيح بايدن، الذي لم يصمد في وجه الانتقادات الحادة التي واجهها. في النهاية، انسحب بايدن من السباق، مما فتح المجال أمام كامالا هاريس لتصبح مرشحة الحزب الديمقراطي.
كامالا هاريس: خصم جديد
دخلت كامالا هاريس في السباق الرئاسي بموجة دعم كبيرة من الحزب الديمقراطي. وكان من الواضح أنها تمثل التحدي الأقوى لترامب في الانتخابات، حيث كانت استطلاعات الرأي تظهر تقدمًا كبيرًا لها على حسابه. وعلى الرغم من أنها قوبلت بتقدير كبير من قطاعات واسعة، إلا أن ترامب لم يخفي معارضته لها، مُطلقًا عليها العديد من الاتهامات مثل “السرقة” و**”إضاعة البلد”**.
محاولة الاغتيال وصمود ترامب
في يوليو 2024، تعرض ترامب لمحاولة اغتيال أثناء تجمع انتخابي في بتلر، بنسلفانيا، أصيب خلالها برصاصة في رأسه، لكنه أظهر صمودًا غير مسبوق في مواجهة تلك المحنة. لاقى هذا الحادث تأييدًا واسعًا بين أنصاره، الذين رأوا في الحادث دليلاً على حجم التهديد الذي يشعر به “النظام” من وجود ترامب في الساحة السياسية.
النصر الكبير: الخامس من نوفمبر 2024
في 5 نوفمبر 2024، جاء النصر الكبير لترامب الذي فاز على كامالا هاريس، ليحقق بذلك انتصارًا تاريخيًا في انتخابات الرئاسة. استطاع ترامب اختراق “الجدران الزرقاء” التقليدية لمناطق كانت تعتبر معاقل ديمقراطية، ليحصد فوزًا مستحقًا بعد معركة شديدة.
وفي خطاب النصر، أكد ترامب أن الولايات المتحدة ستدخل عصرًا جديدًا من الاستقلال السياسي والاقتصادي، معلنًا عن إعادة هيكلة الاقتصاد الأمريكي وتخفيف التدخل الحكومي، بالإضافة إلى فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الصين.
الختام: من الهزيمة إلى العودة
من رفض الاعتراف بالهزيمة في 2020، إلى خوض مناظرات سياسية حامية، ومعاناته من محاولات اغتيال، وصولًا إلى فوزه الكبير في 2024، كانت رحلة دونالد ترامب واحدة من أكثر القصص السياسية إثارة في تاريخ الولايات المتحدة. لقد أثبت أن المثابرة والصمود أمام التحديات يمكن أن تقلب الموازين، ليحقق “عودة العملاق” إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات من
الخيبة والهزيمة.
هيئة الطرق والمواصلات في دبي تطلق مبادرة مشاركة الركاب في مركبات الأجرة بين دبي وأبوظبي