أجرى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، أول زيارة عمل رسمية له إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس الأحد، في خطوة تُعدّ علامة فارقة في المشهد الدبلوماسي السوري بعد سنوات من التحديات والتحولات السياسية.
استقبل الرئيس الإماراتي، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس السوري، في قصر الشاطئ بأبوظبي، في لقاء حمل الكثير من الرمزية والدلالات، خاصةً أنها الزيارة الأولى من نوعها للإمارات منذ تولي الشرع مهامه في رئاسة الإدارة المؤقتة في سوريا.
تأتي هذه الزيارة في سياق إقليمي حساس، حيث تسعى سوريا إلى الخروج من أزمتها الممتدة منذ أكثر من عقد، وبناء علاقات قوية مع الدول العربية والإقليمية. وكان واضحًا أن اللقاء مع القيادة الإماراتية يهدف إلى إعادة تموضع سوريا عربيًا، والانطلاق نحو تعاون يحقق الاستقرار والتنمية للبلاد.
شهد الاستقبال مشاركة واسعة من كبار المسؤولين الإماراتيين، من بينهم: الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، والدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، إضافة إلى عدد من الوزراء والمستشارين الذين يؤكد حضورهم أهمية الزيارة على مستوى القرار السياسي الإماراتي.
رسالة شكر وعرفان من السيد الرئيس أحمد الشرع إلى سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/umot6Awt32
— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@G_CSyria) April 13, 2025
الرئيس السوري يتبادل الرؤى مع الشيخ محمد بن زايد
خلال اللقاء، دار نقاش معمّق حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتعاون في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، خصوصًا الاستثمار، البنية التحتية، إعادة الإعمار، واستئناف الرحلات الجوية.
وأكد الشيخ محمد بن زايد، أن الإمارات ملتزمة بدعم الشعب السوري، وتوفير كل ما يمكن لدعم الاستقرار، مشددًا على أن موقف الإمارات ثابت في دعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، كما عبّر عن تمنياته للرئيس الشرع بالنجاح في قيادة سوريا خلال المرحلة الانتقالية، وتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الأمن والتنمية.
من جانبه، عبّر الرئيس السوري أحمد الشرع، عن تقديره العميق لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مثنيًا على الروح الأخوية الصادقة التي لمسها من القيادة الإماراتية، وأكد على رغبة سوريا في بناء شراكة استراتيجية مع الإمارات، تقوم على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وتطلعات الشعوب.
كما شدد الطرفان على أهمية تسريع تنفيذ المشاريع المشتركة، وتفعيل اللجان الاقتصادية والفنية المشتركة، مع إعطاء الأولوية لقطاعات الطاقة، والإعمار، والخدمات، والتعليم، والصحة، وفتح الأبواب أمام المستثمرين الإماراتيين للدخول إلى السوق السورية ضمن بيئة أعمال واضحة وآمنة.
وبحث الجانبان أيضًا مستجدات الأوضاع الإقليمية، والتحديات المشتركة، وتبادلا وجهات النظر بشأن العديد من الملفات الإقليمية والدولية، في إطار من التفاهم المشترك، والرغبة في توحيد المواقف التي تصب في صالح الأمن والاستقرار العربي.
نتائج الزيارة.. إنجازات ومؤشرات واعدة
أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أن الزيارة أسفرت عن إنجازات مهمة وملموسة، في مقدمتها:
- إعادة استئناف حركة الطيران المدني بين دمشق وأبوظبي
- توقيع تفاهمات أولية في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والطاقة
- تفعيل اللجان الفنية والاقتصادية المشتركة
- بحث آفاق التعاون في المجال الصحي والتعليمي والتقني
وأشاد الشيباني بما وصفه بـ”النتائج العظيمة”، مشيرًا إلى أن الرئيس السوري الشرع، قد نجح في فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية تقوم على المصالح المتبادلة والاحترام الكامل لسيادة الدول.
كما التقى الرئيس السوري بعدد من رجال الأعمال السوريين المقيمين في الإمارات، حيث ناقش معهم سبل العودة للمساهمة في بناء سوريا الحديثة، وتم التأكيد على أهمية وضع آليات عادلة تضمن حماية حقوق المستثمرين، وتشجع على ضخ رأس المال في السوق السوري دون بيروقراطية أو تدخلات تعيق العمل الاقتصادي.
عودة الحراك الدبلوماسي.. وتطلعات المرحلة القادمة
تشير هذه الزيارة إلى عودة تدريجية للدور الدبلوماسي السوري في المنطقة، وفتح نافذة جديدة للتكامل العربي بعد سنوات من العزلة السياسية. ويمثّل هذا الانفتاح مع الإمارات فرصة حقيقية لسوريا لإعادة بناء علاقاتها، وخلق بيئة سياسية واقتصادية تدعم الاستقرار الداخلي.
من جانبها، تؤكد الإمارات، عبر مواقفها العملية، أنها ملتزمة بمبدأ الاحتواء والدعم الإيجابي، وأنها تفضل العمل السياسي والدبلوماسي لحل الأزمات، وهو ما ينعكس في دعمها المتواصل لسوريا في مرحلة إعادة الإعمار والمصالحة الوطنية.
كما يُتوقع أن تُترجم نتائج زيارة الرئيس السوري هذه، إلى اتفاقيات ملموسة خلال الشهور المقبلة، وأن يتم البناء عليها من خلال زيارات وزارية متبادلة، ومشاركة سوريا في المبادرات الاقتصادية والتنموية العربية.
جهود الإمارات لدعم استقرار سوريا: رؤية لوحدة وأمان الشعب السوري