يعيش نادي ريال مدريد واحدة من أصعب فتراته في العقد الأخير، حيث تتوالى عليه الأزمات من كل الاتجاهات، بين خسائر موجعة على المستوى الأوروبي، وتراجع ملحوظ في الأداء المحلي، إضافة إلى توتر داخل غرفة الملابس بين أبرز لاعبيه. الأزمة التي كانت تبدو فنية في ظاهرها، كشفت عن عمق المشاكل النفسية والداخلية التي يمر بها الفريق الملكي في مرحلة حاسمة من الموسم.
ضربة قاسية في دوري الأبطال تزعزع الثقة
تلقى ريال مدريد خسارة مذلة بثلاثية نظيفة أمام أرسنال في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، في مباراة أقيمت على ملعب “الإمارات” بلندن. النتيجة لم تكن فقط ثقيلة على مستوى الأرقام، بل كشفت عن تراجع في الروح والأداء والانضباط داخل الملعب. ظهر الدفاع هشًا، وافتقد الوسط إلى السيطرة، فيما بدا الهجوم معزولًا عن مجريات اللقاء.
كانت الصدمة كبيرة لعشاق النادي، خاصة أن ريال مدريد معروف تاريخيًا بقدرته على قلب الموازين في الأوقات الصعبة. إلا أن الأداء الأخير شكك الكثيرين في قدرة الفريق على تقديم “ريمونتادا” تاريخية في الإياب.
حتى المدير الفني كارلو أنشيلوتي بدا مرتبكًا في تصريحاته، واعترف بصعوبة الموقف، مطالبًا جماهير “البرنابيو” بالثقة والدعم في مباراة الإياب رغم كل التحديات.
اشتباك بين النجوم.. هل بدأ التفكك الداخلي؟
وكأن النتائج السلبية لم تكن كافية، حتى ظهرت تقارير إعلامية تؤكد وقوع خلاف حاد بين اثنين من أعمدة الفريق الأساسية: المدافع الألماني أنطونيو روديغير ولاعب الوسط الإنجليزي جود بيلينغهام.
بحسب الصحفي الإسباني إيدو أغيري، فقد اندلع الشجار، الجمعة الماضية، داخل مرافق النادي، ووصل إلى حد الاشتباك بالأيدي، ما دفع الإدارة الفنية للتدخل سريعًا لاحتواء الموقف.
هذه الحادثة، التي لم تؤكدها إدارة النادي رسميًا، لكنها لاقت صدىً واسعًا في وسائل الإعلام، أعادت للأذهان الخلافات التاريخية بين لاعبي الفرق الكبرى في أوقات الأزمات. كما أعادت ربط الخلاف بالسياق التاريخي للصراع الكروي بين ألمانيا وإنجلترا، وخاصة بعد نهائي مونديال 1966، ما أضاف بُعدًا عاطفيًا للحدث داخل الأوساط الإعلامية والجماهيرية.
روديغير وبيلينغهام من الركائز الأساسية في تشكيلة أنشيلوتي، ويُنتظر أن يكونا ضمن التشكيل الأساسي لمباراة الإياب أمام أرسنال. إلا أن مثل هذه الخلافات قد تؤثر على انسجام الفريق، وتقلل من فرص العودة، خاصة في بطولة تتطلب أقصى درجات التركيز والعمل الجماعي.
الأزمات تتوالى محليًا.. وفقدان البطولات يلوح في الأفق
بعيدًا عن أوروبا، لا يمر فريق ريال مدريد، بأفضل أحواله في الدوري الإسباني أيضًا، حيث يتأخر بفارق أربع نقاط عن برشلونة المتصدر، ما يجعل فرصه في استعادة لقب “الليغا” أكثر صعوبة.
وفي ظل قلة المباريات المتبقية، يحتاج الفريق إلى سلسلة انتصارات متتالية وانتظار تعثرات من خصمه التقليدي، وهو سيناريو يبدو بعيدًا إذا ما استمر الأداء الحالي للفريق.
ولم تتوقف التحديات عند الدوري، إذ تنتظر ريال مدريد مباراة نارية في نهائي كأس الملك أمام برشلونة أيضًا. هذا اللقاء قد يكون الفرصة الوحيدة لإنقاذ موسم قد يُصنّف كواحد من أسوأ مواسم النادي في حال خروجه دون ألقاب. الضغوط تتصاعد على المدرب أنشيلوتي، الذي بات مطالبًا ليس فقط بتحقيق الانتصارات، بل بإعادة الاستقرار النفسي والذهني للاعبيه، وترميم العلاقات داخل الفريق.
تحديات إدارة ريال مدريد والقرارات القادمة
مع تصاعد الأحداث، تزداد التساؤلات حول موقف الإدارة بقيادة فلورنتينو بيريز. هل ستتدخل الإدارة بشكل مباشر لمعالجة الصراعات الداخلية؟ وهل سيتم اتخاذ إجراءات تأديبية في حال ثبتت الواقعة؟
هناك أيضًا قلق داخل أسوار النادي من تأثير هذه الأزمات على سوق الانتقالات، خاصة في ظل الحديث عن احتمالية رحيل عدد من النجوم في الصيف، أبرزهم توني كروس ولوكا مودريتش، بالإضافة إلى حاجة الفريق للتجديد في بعض المراكز.
من جهة أخرى، تتداول الصحافة الإسبانية معلومات حول وجود مشاورات داخلية لإعادة هيكلة الجهاز الفني في حال فشل الفريق في تحقيق أي بطولة هذا الموسم، رغم أن أنشيلوتي لا يزال يحظى بثقة شريحة كبيرة من جماهير وإدارة الملكي.
في ختام هذا المشهد المعقد، يبدو أن ريال مدريد أمام منعطف حاسم، إما أن ينجح في تجاوز العواصف الحالية ويستعيد كبرياءه الكروي، أو أن يتجه نحو نهاية موسم مخيبة قد تفتح باب التغيير الجذري داخل النادي. الجماهير تنتظر، ولكنها لا تصبر طويلاً، والملعب سيكون وحده الفاصل بين الفشل والعودة من جديد إلى منصات التتويج.
هل ينجح أنشيلوتي ولاعبوه في قلب الطاولة وإسكات الانتقادات؟ أم أن كرة الثلج بدأت تكبر داخل “البيت الأبيض”؟ الأجوبة ستأتي قريبًا، ولكن الوقت يداهم الجميع.
في خضم كل هذه التحديات، تتجه الأنظار إلى رد فعل الإدارة والمدرب كارلو أنشيلوتي في الأيام القادمة. هل سيتمكن من إعادة الهدوء إلى غرفة الملابس ومعالجة الأزمة النفسية والفنية التي يعاني منها الفريق؟ أم أن ريال مدريد ماضٍ نحو موسم كارثي؟ المؤكد أن القادم سيكون حاسمًا، والجماهير تنتظر إجابات حقيقية على أرض الملعب، لا في المؤتمرات الصحفية.
مرحلة جديدة في قطاع الرياضة الإماراتي: التأسيس نحو التميز العالمي