يرسخ القطاع البحري الإماراتي مكانته الرائدة عالميًا، مستندًا إلى سجل زاخر بالإنجازات، وتشريعات متقدمة، واستثمارات استراتيجية جعلت منه نموذجًا يُحتذى به في مجالات الاستدامة البحرية، وتطوير البنية التحتية، وتطبيق أفضل ممارسات الحوكمة.
- Advertisement -
وتتميز الإمارات بموقع جغرافي استراتيجي يربط أسواق الشرق بالغرب، ما يجعلها مركزًا لوجستيًا محوريًا على خارطة التجارة العالمية. وتمتلك الدولة إحدى أكثر البنى التحتية البحرية تطورًا في المنطقة، حيث بلغ حجم مناولة الحاويات في موانئها نحو 21 مليون حاوية نمطية خلال عام 2023، محققة بذلك أرقامًا قياسية في تسهيل حركة التجارة وتدفق البضائع.
وقد بلغت مساهمة القطاع البحري الإماراتي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة ما يقارب 135 مليار درهم، ما يعكس الأهمية المتنامية لهذا القطاع الحيوي ضمن منظومة الاقتصاد الوطني.
بنية تحتية متطورة ورؤية بشرية مستدامة في القطاع البحري الإماراتي
تُعد الإمارات وجهة مفضلة للسفن التجارية بفضل الخدمات البحرية المتكاملة، والقدرات التشغيلية العالية، والأنظمة الرقمية المتقدمة التي تدعم الكفاءة اللوجستية. وتولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بتطوير العنصر البشري في هذا القطاع، حيث نظّمت وزارة الطاقة والبنية التحتية بالتعاون مع خبراء الإدارة البحرية والمنظمة البحرية الدولية، ورش عمل تدريبية متخصصة تسهم في رفع كفاءة الكوادر العاملة.
وأسست الدولة عددًا من الأكاديميات البحرية الرائدة، من أبرزها: أكاديمية الشارقة البحرية، وأكاديمية أبوظبي البحرية، إضافة إلى برامج تدريبية ضمن كليات التقنية العليا. وقد تخرج من هذه المؤسسات نحو 497 ضابطًا ومهندسًا بحريًا، من بينهم 100 ضابطة ومهندسة بحرية، تأكيدًا لدعم الدولة لدور المرأة في القطاعات الحيوية.
ريادة رقمية وابتكار تقني
تُعد الإمارات من أبرز مطوري الحلول الذكية في القطاع البحري الإماراتي للشحن، حيث أطلقت مشاريع رائدة مثل:
- مشروع المرور الأزرق
- بوابة المقطع
- نظام BoxBay
- برنامج CargoSpeed
وتُستخدم تقنيات أتمتة تحميل الحاويات في موانئ أبوظبي ودبي، ما يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة كفاءة سلاسل الإمداد، وتقديم نموذج لوجستي متكامل يعتمد على الأتمتة والابتكار.
استثمارات عالمية وتأثير دولي
تمتد استثمارات الشركات الإماراتية في القطاع البحري الإماراتي إلى أكثر من 78 دولة، وتدير جهات إماراتية 106 موانئ بحرية حول العالم، ما يعكس الحضور اللوجستي القوي للدولة في الأسواق الدولية، ودورها الريادي في بناء جسور تجارية وتعزيز رقمنة الشحن العالمي.
وفي سياق التزامها بالاستدامة، حرصت الإمارات على مواءمة استراتيجيتها الوطنية مع أهداف المنظمة البحرية الدولية، وأعلنت دعمها الكامل لجهود إزالة الكربون من قطاع النقل البحري. كما شاركت في تمويل صندوق خاص لدعم الدول الجزرية والدول النامية لتمكينها من المشاركة الفعالة في اجتماعات المنظمة.
وقد ساهمت الإمارات من خلال مشاركاتها في الاجتماعات الدورية للمنظمة البحرية الدولية في تطوير التشريعات والمعايير العالمية، وتسعى حاليًا لتجديد عضويتها في مجلس المنظمة، استمرارًا لدورها كدولة ميناء وساحل ومصدر رئيسي للطاقة.
تصريحات قيادية
أكد معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، أن دولة الإمارات تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كقوة بحرية عالمية، مدفوعة برؤية القيادة الرشيدة وجهود جميع العاملين في القطاع. وأوضح معاليه أن الدولة تعمل على تسريع التحول نحو منظومة نقل بحري أكثر استدامة وذكاء، تجمع بين الرقمنة والحلول البيئية المتقدمة، ومنها السفن ذاتية القيادة.
وشدد معاليه على أن الابتكار يشكل محرك المستقبل البحري، وأن الإمارات مستعدة لتقاسم تجاربها ومعارفها مع المجتمع الدولي لدعم الأهداف المشتركة، مؤكدًا أن عضوية الدولة في مجلس المنظمة البحرية الدولية تمثل مسؤولية تُجسد التزام الإمارات بالممارسات الأفضل، وسعيها لدعم الدول الأخرى من أجل قطاع بحري أكثر أمانًا وكفاءة.
بدوره، أوضح سعادة المهندس حسن محمد جمعة المنصوري، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل، أن القطاع البحري الإماراتي يُعد من الركائز الاستراتيجية لرؤية الدولة في بناء منظومة نقل متكاملة ومستدامة. وأشار إلى أن الإمارات نجحت، بفضل بنيتها التحتية البحرية الحديثة، في دعم سلاسل الإمداد العالمية وتعزيز جاهزية الموانئ وربط الأسواق الإقليمية والدولية بطريقة آمنة ومرنة.
من جانبها، أكدت المهندسة حصة آل مالك، مستشارة الوزير لشؤون النقل البحري، أن الدولة تنظر إلى القطاع البحري الإماراتي كركيزة رئيسية للتنمية المستدامة، يتجاوز دوره مجرد تشغيل الموانئ ليُسهم في النمو الاقتصادي، وحماية البيئة، وتوفير الفرص النوعية للمجتمع.
تعرف المزيد على: وزير الخارجية الإماراتي يجري اتصالات موسعة لبحث تداعيات التصعيد في المنطقة
وشددت على أن ما تحقق من إنجازات هو نتاج رؤية وطنية واضحة وإرادة مؤسسية قوية، وأن الإمارات تسعى إلى نقل هذه التجربة الرائدة إلى المستوى العالمي، كشريك فاعل في تشكيل مستقبل الصناعة البحرية الدولية.