أعلن مكتب حقوق الإنسان التابع لمجلس الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن منع وصول المدنيين في قطاع غزة إلى الغذاء والإغاثة الإنسانية قد يشكل جريمة حرب، وذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات التي استهدفت فلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات جنوبي القطاع.
وقال المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في مؤتمر صحافي من جنيف: “لليوم الثالث على التوالي، يُقتل أشخاص في محيط نقطة توزيع مساعدات تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية. تلقينا هذا الصباح معلومات عن مقتل وإصابة عشرات آخرين”.
ووصف مكتب حقوق الإنسان التابع لمجلس الأمم المتحدة، الهجمات على المدنيين المنهكين الذين يحاولون الوصول إلى إمدادات الغذاء بأنها “غير مقبولة”.
مجزرة المواصي.. الرصاص بدل الغذاء
وشهدت منطقة المواصي غرب رفح، صباح الثلاثاء، مجزرة جديدة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق مدنيين جائعين كانوا يتجهون نحو مركز للمساعدات الإنسانية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة العشرات، بحسب مصادر طبية في غزة.
وبحسب شهود عيان، أطلقت القوات الإسرائيلية النار من دبابات وطائرات مسيّرة تجاه آلاف الفلسطينيين الذين توافدوا منذ الفجر نحو “دوار العلم”، على بُعد نحو كيلومتر من مركز توزيع المساعدات الأمريكي في رفح.
وقال الدفاع المدني في غزة إنّ عمليات نقل المصابين وجثث القتلى واجهت صعوبات كبيرة بسبب استمرار إطلاق النار والاكتظاظ في المكان.
اعتراف إسرائيلي بالحادث
من جانبه، اعترف الجيش الإسرائيلي، بإطلاق النار على عدد من الأفراد الذين اقتربوا من قواته “بطريقة عرضتها للخطر”، وفق تعبيره، زاعمًا أن الاستهداف كان على بعد نصف كيلومتر من موقع تجمع المساعدات.
في المقابل، أفاد شهود أن إطلاق النار بدأ بشكل مفاجئ ومباشر دون أي مبرر، فيما كانت الحشود تقترب من الموقع بهدف الحصول على الغذاء.
شهادات مروّعة من الناجين
قال محمد الشاعر (44 عامًا)، نازح يقيم في المواصي، إنه شاهد المئات يتقدمون في الصباح الباكر على الطريق الساحلي باتجاه مركز المساعدات، لكن الجيش بدأ بإطلاق النار عليهم دون تحذير.
وأكدت رانية (30 عامًا)، وهي أم لأربعة أطفال، أن إطلاق النار بدأ منذ الخامسة فجرًا بشكل متقطع، ثم تحول إلى كثيف بمجرد اقتراب الناس من دوار العلم. وأضافت: “رأيت أشخاصًا يسقطون أمامي، لكن الناس واصلوا التقدم بدافع الجوع، رغم الخطر”.
مؤسسة مساعدات مثيرة للجدل
يتبع المركز المستهدف لـ«مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي شركة أمن خاصةً أمريكية بدأت توزيع المساعدات في 26 مايو/أيار، بتمويل أمريكي غير شفاف، ما دفع الأمم المتحدة لرفض التعاون معها، معتبرة أنها “لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية”.
تعرف المزيد على: ضم الضفة الغربية.. هدف جديد لنتنياهو من حرب غزة
وفي مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، شوهدت نحو عشر جثث ملفوفة بأكياس بيضاء داخل قسم الطوارئ، وسط صدمة الأهالي وتجدد الغضب الشعبي من الهجمات المتكررة على المدنيين.
الأمم المتحدة تدعو إلى تحقيق مستقل
وتأتي هذه المجزرة بعد يومين فقط من هجوم دموي مماثل على مدنيين قرب موقع توزيع مساعدات غرب رفح، راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، ما دفع الأمين العام لمجلس الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى الدعوة لإجراء تحقيق مستقل ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.