احتفلت دولة الإمارات اليوم الجمعة، 28 فبراير 2025، بأول “اليوم الإماراتي للتعليم”. أقر ذلك، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، ليكون مناسبة وطنية سنوية تحتفي بإنجازات المسيرة التعليمية في الدولة وتكرّم كافة العاملين في هذا القطاع، من معلمين وإداريين وأكاديميين ومؤسسات تعليمية، تقديرًا لدورهم الجوهري في بناء الإنسان، الذي يشكل الثروة الحقيقية للوطن.
ويحمل هذا اليوم شعار “كلنا نعلِّم وكلنا نتعلَّم”، تعبيرًا عن رؤية القيادة الحكيمة التي تؤمن بأن التعليم عملية مستمرة ومتكاملة تسهم فيها جميع مكونات المجتمع، من المؤسسات التعليمية إلى الأسر، ومن الأفراد إلى صُنّاع القرار، لتحقيق نهضة علمية شاملة ترتكز على الإبداع والابتكار والمعرفة.
اليوم الإماراتي للتعليم .. إرث تعليمي متجذر ونهج مستقبلي متطور
جاء اعتماد “اليوم الإماراتي للتعليم” استكمالًا لمسيرة طويلة من الاستثمار في التعليم. تعود جذورها إلى عام 1982، عندما شهدت الدولة تخريج أول دفعة من طلبة كلية التربية بجامعة الإمارات، في حفل تاريخي حضره الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه الآباء المؤسسون، ليؤكدوا من خلاله أن التعليم هو حجر الأساس في بناء الدولة العصرية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة والتقدمين العلمي والمعرفي.
منذ ذلك الحين، شهد قطاع التعليم في دولة الإمارات تطورات نوعية غير مسبوقة. بدايةً من تأسيس جامعة الإمارات عام 1976 كأول جامعة وطنية. ثم توسع التعليم العالي بإنشاء مؤسسات أكاديمية متميزة. وانطلاقًا إلى عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، لتمكين الأجيال القادمة من المهارات التي يتطلبها المستقبل.
واليوم، أصبحت دولة الإمارات، مركزًا تعليميًا رائدًا إقليميًا عالميًا. يأتي ذلك بفضل رؤية قيادتها الرشيدة التي أولت هذا القطاع اهتمامًا استثنائيًا. وجعلت منه جزءًا محوريًا في استراتيجياتها الوطنية، مثل “رؤية نحن الإمارات 2031” و”مئوية الإمارات 2071″، اللتين تركزان على التعليم المستقبلي القائم على التكنولوجيا، والاستثمار في العقول، وبناء بيئة تعليمية حاضنة للإبداع والابتكار.
مجلس التعليم والتنمية البشرية والمجتمع.. محور أساسي لنهضة التعليم
في 28 فبراير 2016، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن إنشاء مجلس التعليم والموارد البشرية، ليكون بمثابة الجهة المسؤولة عن مواءمة سياسات التعليم مع احتياجات سوق العمل.
وفي يوليو 2024، تم توسيع نطاق عمل المجلس ليشمل البعد المجتمعي، ليصبح دوره أكثر شمولية في ربط التعليم بسوق العمل، وتعزيز دور الأفراد في تنمية المجتمع، بما يحقق استدامة التنمية البشرية في دولة الإمارات.
ولتعزيز هذا التوجه، تبنى المجلس نهجًا جديدًا يقوم على ثلاثة مسارات سلوكية رئيسية يمكن لكل فرد تطبيقها في بيئته التعليمية أو العملية أو الاجتماعية، وهي:
اسأَل – أي امتلاك عقلية فضولية تسعى إلى الاستفسار والتعلم المستمر.
ألهِم – أي مشاركة المعرفة والخبرات مع الآخرين لإثراء التجربة التعليمية.
تخيّل – أي التفكير الإبداعي في ابتكار حلول جديدة لمواجهة التحديات المستقبلية.
يهدف هذا النهج إلى خلق ثقافة تعليمية مستدامة، يكون فيها التعلم عملية مستمرة طوال الحياة، وليس مجرد مرحلة تنتهي بالحصول على الشهادات، مما يسهم في بناء مجتمع معرفي متطور يقود مسيرة التنمية والتطور في الدولة.
نقلة نوعية في اليوم الإماراتي للتعليم.. من التأسيس إلى الابتكار
منذ تأسيس وزارة التربية والتعليم عام 1971، بدأت الإمارات رحلة طموحة نحو بناء نظام تعليمي متكامل يواكب أحدث التطورات العالمية.
وشهد القطاع العديد من التحولات الجذرية، حيث انتقلت الدولة من نشر التعليم وتأسيس البنية التحتية للمدارس والجامعات، إلى تطوير المناهج وأساليب التدريس، ومن ثم إلى ترسيخ الابتكار والذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية.
اليوم، تشهد الدولة تحولًا جذريًا في مناهجها التعليمية، حيث أصبحت تركز على تنمية مهارات التفكير النقدي، والابتكار، والريادة، والتعلم الرقمي، بهدف إعداد أجيال قادرة على قيادة المستقبل. كما تعمل دولة الإمارات على تعزيز التكامل بين التعليم والاقتصاد، لضمان توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل المتجددة.
التعليم.. بوابة دولة الإمارات نحو المستقبل
مع احتفال الدولة اليوم بأول “اليوم الإماراتي للتعليم”، تتجدد الرؤية بأن التعليم ليس مجرد عملية أكاديمية، بل هو المحرك الأساسي لصناعة المستقبل. وتواصل الإمارات استثمارها في التعليم الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والتخصصات الحديثة التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي، لضمان بناء جيل جديد من المبتكرين والقادة القادرين على استشراف المستقبل.
ويعد هذا اليوم مناسبة لتكريم المعلمين والمعلمات، وكافة العاملين في القطاع التعليمي، الذين يسهمون في إعداد أجيال المستقبل، كما يمثل فرصة لتحفيز المجتمع بأسره على المشاركة في دعم التعليم، وإثراء بيئة التعلم، والمساهمة في بناء منظومة تعليمية مستدامة، تضع دولة الإمارات في مصافي الدول الرائدة في الابتكار والمعرفة.
في هذا اليوم المميز، نقول لكل معلم ومعلمة، ولكل أكاديمي وباحث، ولكل من يسهم في نهضة التعليم في دولة الإمارات: “شكرًا لعطائكم، فأنتم الأساس في بناء المستقبل“.