يؤدي حجاج بيت الله الحرام مناسك موسم الحج 1446هـ، في إطار متكامل من الخدمات التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية، ترافق الحجاج طوال رحلتهم، منذ وصولهم إلى الأراضي المقدسة، مرورًا بتنقلهم أثناء أداء مناسك الحج، وحتى مغادرتهم بعد إتمام مناسك موسم الحج 1446هـ.
تجربة موسم الحج 1446هـ
تعكس هذه الخدمات المتميزة تضافر الجهود التقنية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن وإثراء تجربة موسم الحج 1446هـ، بما يتوافق مع قدسية هذه الشعيرة العظيمة ومعانيها السامية.
على صعيد خدمات الرعاية الصحية، خصصت الحكومة مجموعة من المستشفيات والمرافق الصحية المتطورة المجهزة بجميع التقنيات والمعدات الطبية اللازمة لضمان حصول الحجاج على أعلى مستويات الرعاية والاستجابة الفورية لأي طارئ.
في صعيد عرفات، حيث يقف الحجاج في التاسع من ذي الحجة، تم تجهيز عدة مستشفيات، منها مستشفى جبل الرحمة، ومستشفى الخدمات الطبية الميدانية، الذي يُعدّ من أبرز مشاريع الخدمات الطبية لموسم حج هذا العام. تبلغ سعته 100 سرير، ويضم مرافق متكاملة: 20 سريرًا مخصصًا لحالات الإجهاد الحراري، وغرفة عمليات متكاملة، وغرفة عزل، ووحدة طبية متنقلة مزودة بخمس عيادات ميدانية، ومختبر طبي، وصيدلية، وأجهزة أشعة متنقلة، مما يعكس جاهزية عالية وجاهزية شاملة لتقديم الرعاية الصحية الفورية والميدانية لضيوف الرحمن.
وفي منى، حيث يقضي الحجاج أيام التشريق، توجد أربعة مستشفيات: مستشفى الطوارئ، ومستشفى جسر منى، ومستشفى منى الوادي، ومستشفى شارع منى الجديد، بسعة سريرية إجمالية تتجاوز 560 سريرًا.
كما يضم الموقع عددًا من المراكز الصحية و16 مركزًا للطوارئ في مجمع جسر الجمرات.
تدعم هذه المستشفيات مرافق صحية في مدينة مكة المكرمة، بما في ذلك مستشفى الملك عبد العزيز، ومستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى النور التخصصي، ومدينة الملك عبد الله الطبية.
بالإضافة إلى المستشفيات والمراكز الصحية، أنشأت الحكومة خدمات إسعاف متكاملة. فعّلت هيئة الهلال الأحمر السعودي خدمة الإسعاف الجوي بـ 11 طائرة مروحية مخصصة لنقل الحالات الحرجة من المسجد الحرام والمشاعر المقدسة عبر 13 مهبطًا استراتيجيًا للطائرات لضمان الاستجابة الطبية السريعة في جميع المواقع.
يشرف على هذه الخدمة أكثر من 120 موظفًا مؤهلًا، من أطباء وفنيي طوارئ طبية، يعملون على مدار الساعة لتقديم الرعاية العاجلة للحجاج.
تدفق المستلزمات الطبية إلى أكثر من 136 منشأة صحية
خلال أيام موسم الحج 1446هـ، تضمن الشركة الوطنية للشراء الموحد للمستلزمات الطبية (نوبكو)، بالتعاون مع وزارة الصحة والجهات الصحية الأخرى، تدفق المستلزمات الطبية إلى أكثر من 136 منشأة صحية ووحدة متنقلة في المشاعر المقدسة. ويتم تنفيذ أكثر من 800 رحلة لوجستية، تغطي حوالي 2000 صنف طبي، بما في ذلك حوالي 90 مليون وحدة من الأدوية والمستلزمات الطبية.
لتعزيز الاستجابة الميدانية، خصصت شركة نوبكو أسطول نقل مكون من 62 شاحنة بإشراف مباشر من فريق ميداني متخصص يضم 184 موظفًا لتلبية احتياجات القطاعات الصحية المشاركة في موسم الحج 1446هـ.
كما خصصت وزارة الصحة مركز الاتصال الصحي 937 خلال موسم الحج 1446هـ لخدمة ضيوف الرحمن من خلال الرد على استفسارات واستشارات الحجاج الصحية ومعالجة البلاغات والشكاوى.
تم إطلاق المستشفى الافتراضي “صحة” لخدمة الحجاج من خلال حزمة متكاملة من الخدمات الصحية الرقمية، تعتمد على أحدث التقنيات الطبية، وتديرها كوادر طبية مؤهلة على مدار الساعة.
تشمل خدمات المستشفى مجموعة من الحلول الطبية الرقمية المتطورة والخدمات الصحية التخصصية، بما في ذلك رعاية السكتة الدماغية عن بُعد، والرعاية الحرجة عن بُعد، والأشعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وطب القلب عن بُعد، ومتابعة مرضى قصور القلب عن بُعد باستخدام الأجهزة الذكية.
ماذا عن الصعيد الأمني؟
على الصعيد الأمني في موسم الحج 1446هـ، تؤدي قوات أمن الحج واجباتها الميدانية طوال الموسم للحفاظ على سلامة وأمن الحجاج.
تدعم جهودهم الميدانية منظومة طيران متطورة تُسهم في دعم الأمن واللوجستيات والمهام الإنسانية في المشاعر المقدسة، بالتنسيق مع مختلف القطاعات العسكرية والأمنية والمدنية لتحقيق أعلى معايير السلامة وانسيابية الحركة.
وتستخدم الجهات المشاركة في خدمة الحجاج أحدث التقنيات في إدارة الحشود، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، والذكاء الاصطناعي الجغرافي المكاني (GeoAI)، والبيانات الآنية لرصد وتحليل حركة الحشود البشرية والمرورية خلال موسم الحج 1446هـ، مما يعزز كفاءة إدارة الحشود.
في هذا السياق، انطلق مركز عمليات مكة المكرمة الذكي (SMART MOC) في مدينة مكة المكرمة لدعم إدارة الحشود وتأمين المشاعر المقدسة. ويشمل المركز منصة “بصير” التي تلعب دورًا محوريًا في رصد وإدارة وتوزيع الحشود بدقة داخل بيئة الحرمين الشريفين، ومنصتي “سواحر” و”سواحر قيادة”، اللتين توفران تحليلات ذكية للبث المباشر من كاميرات المراقبة الأمنية في المشاعر المقدسة وممرات الوصول إليها. تتيح هذه المنصات المراقبة الميدانية اللحظية، وتحليل البيانات الضخمة لدعم اتخاذ القرارات، وتحسين الأداء الأمني.
كما تواصل قوات طوارئ الدفاع المدني استعداداتها في ميدان طوارئ الدفاع المدني لحشد جميع الإمكانات البشرية والآلية لخدمة ضيوف الرحمن وسلامتهم.
وفي موسم الحج 1446هـ، أطلقت المديرية العامة للدفاع المدني طائرة “صقر” المسيرة المُعززة بالذكاء الاصطناعي لعمليات الإطفاء والإنقاذ في المناطق المرتفعة أو التي يصعب الوصول إليها.
خدمات النقل في موسم الحج 1446هـ
فيما يتعلق بخدمات النقل، يعمل قطار المشاعر المقدسة بخمسة أنماط نقل مختلفة، مصممة خصيصًا لتلائم تنقلات الحجاج بين المشاعر المقدسة حسب مناسكهم. وهذا ما يجعله نظام نقل فريدًا عالميًا، حيث يُنفذ القطار أكثر من 2000 رحلة خلال موسم الحج 1446هـ، بهدف نقل أكثر من مليوني راكب بكفاءة وتنظيم وفقًا لهذه الخطط الخمس.
يربط قطار المشاعر تسع محطات موزعة على عرفات ومزدلفة ومنى. تصل المحطة الأخيرة في منى إلى الطابق الرابع من جسر الجمرات، مما يعزز انسيابية الحركة وسلامتها للحجاج.
يُعد قطار المشاعر أحد مشاريع النقل المتخصصة المستدامة الرائدة في المنطقة، حيث يُشغل أسطولًا من 17 قطارًا بسعة 3000 راكب لكل قطار، مما يُتيح نقل أكثر من 72 ألف راكب في الساعة. يُسهم ذلك في تقليل الازدحام في المشاعر المقدسة، وخفض انبعاثات الكربون، وتقديم تجربة نقل ذكية وآمنة وصديقة للبيئة.
خدمات المياه
على صعيد خدمات المياه، حرصت الجهات الحكومية على توفير كامل احتياجات المشاعر المقدسة من المياه. ففي يوم التروية، ضخت شركة المياه الوطنية أكثر من 980,633 مترًا مكعبًا من المياه عبر شبكاتها في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لخدمة حجاج بيت الله الحرام خلال موسم الحج 1446هـ، مع استمرار إمداد شبكات ومرافق المسجد الحرام على مدار الساعة.
كما أولت الحكومة أولوية لتطوير البنية التحتية، وتسهيل تدفق الحشود، وتحسين وسائل الراحة والسلامة والرفاهية العامة، لتقديم تجربة حج مميزة وآمنة، تلبي أعلى معايير التميز في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق “مشروع تخفيف الإجهاد الحراري” في منطقة جبل الرحمة، بهدف توفير بيئة مريحة للحجاج من خلال خفض درجات الحرارة على مساحة 196,000 متر مربع، وتبريد الأجواء، وتقليل تأثير أشعة الشمس المباشرة أثناء تنقل الحجاج وأدائهم للمناسك. شمل المشروع تركيب مظلات بمساحة 1200 متر مربع مزودة بـ 129 مروحة ضباب لتبريد الهواء.
كما تم تنفيذ مشروع “مسار المشاعر” في مزدلفة، على مساحة 170 ألف متر مربع، منها 103 آلاف متر مربع مرصوفة بأرضيات مطاطية صديقة للبيئة لتخفيف الحرارة والتعب البدني وتقليل مخاطر الانزلاق.
كما تم إنشاء استراحات للحجاج على طول مسارات المشاة بين المشاعر المقدسة، بمساحة 28 ألف متر مربع، وتضم 60 مقعدًا، و15 كشكًا تجاريًا، و25 مروحة ضباب، و29 مظلة، و7900 متر مربع من الأرضيات المطاطية، ومساحات خضراء، مما ساهم في راحة وسلامة الحجاج أثناء أداء مناسكهم. كما تم زراعة حوالي 290 ألف متر مربع بأكثر من 20 ألف شجرة، وتخصيص 2400 متر مربع لتركيب مبردات مياه.
شهد هذا العام أيضًا استبدال السلالم الخرسانية في منى بـ32 سلمًا متحركًا لتسهيل حركة الحجاج، وخاصة كبار السن وأصحاب الحالات الصحية. كما تم تطوير مرافق الوضوء باستبدال 2116 دورة مياه قديمة من طابق واحد، وإنشاء 5628 دورة مياه من طابقين في 61 مجمعًا.
وفيما يتعلق بالسكن، تم تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الخيام ذات الطابقين هذا العام، حيث وفرت أكثر من 20 ألف متر مربع من المساكن في أكثر من 40 مبنى مجهزًا. كما تمت زيادة الطاقة الاستيعابية في عرفات من خلال تجهيز أكثر من 27 ألف متر مربع ضمن الحدود القانونية لتسهيل تنظيم الحشود وتوزيع الحجاج بشكل أكثر مرونة، لا سيما خلال أوقات الذروة.
لتوفير بيئة اتصال مثالية للحجاج، تم ترقية وتوسيع أكثر من 35 موقعًا ضمن شبكة الجيل الخامس، وتحسين أكثر من 83 موقعًا ضمن شبكة الجيل الرابع المتقدمة. كما تم تفعيل تقنية VoLTE، مما يتيح مكالمات صوتية ومرئية عالية الجودة مع سرعات نقل بيانات محسنة.
كما تم إنشاء 21 موقعًا جديدًا لتحسين جودة التغطية في المشاعر المقدسة، ونشر 78 وحدة اتصالات متنقلة لتوفير تغطية إضافية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو التي تواجه تحديات في البنية التحتية. وشملت جهود التغطية أيضًا تشغيل 421 موقعًا ثابتًا و77 برجًا متنقلًا لتحسين جودة الشبكة في المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، إلى جانب توفير 998 نقطة وصول واي فاي لضمان اتصال إنترنت سلس ومستمر للحجاج.
تسهيل أداء الهدي والأضاحي
ولتسهيل أداء الهدي والأضاحي، أكمل المشروع السعودي للإفادة من الهدي والأضاحي استعداداته التشغيلية لموسم الحج 1446هـ. يعمل المشروع ضمن منظومة متكاملة تجمع بين الالتزام الديني والكفاءة التشغيلية والابتكار التكنولوجي، مما يعكس التزام المملكة الدائم بتيسير مناسك الحجاج وتعزيز التراحم والتضامن الإنساني.
يعمل المشروع من خلال سبعة مجمعات للمسالخ تمتد على مساحة مليون متر مربع، بطاقة تشغيلية تتجاوز مليون رأس خلال 84 ساعة. ويعمل فيه نحو 25 ألف موظف متخصص من مختلف الدول، منهم 600 خبير ديني، وأكثر من 500 طبيب بيطري، و16,500 جزار ومساعد، و400 فني متخصص في التبريد والكهرباء والميكانيكا وصيانة وتشغيل الآلات.
وفي مجال الإرشاد الديني، نشرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عددًا من الأكشاك التوعوية في مواقع استراتيجية في المشاعر المقدسة لتقديم خدمات مثل: توزيع المطبوعات والكتب، والإجابة على استفسارات الحجاج، وتوفير التواصل الصوتي والمرئي مع العلماء، مما يضمن سرعة الوصول إلى المعلومة الدينية الصحيحة في الوقت والمكان المناسبين. كما خصصت الوزارة خطًا ساخنًا مجانيًا لتمكين الحجاج من التواصل مع العلماء عن بُعد. ويجيب العلماء على استفساراتهم الدينية من مواقعهم في جميع أنحاء المملكة، مما يوسع نطاق تقديم الخدمات دون الحاجة إلى الحضور الشخصي.
كما أطلقت الوزارة مبادرة رائدة بعنوان “دليل المناسك الذكي”، وهي مبادرة توعوية رقمية تهدف إلى تسهيل فهم مناسك موسم الحج 1446هـ والعمرة وأدائها. وتتضمن المبادرة توزيع نسخة إلكترونية متطورة من دليل الحج والعمرة باستخدام التقنيات الحديثة، متوفرة في مواقع رئيسية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمواقيت والمنافذ الحدودية.
كما أعدت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي برنامجًا إثرائيًا لدعم ثلاث خطب متتالية – عرفة، وعيد الأضحى، والجمعة – بمناسبة موسم الحج 1446هـ. وقد تُرجمت الخطب إلى 35 لغة عالمية، مستهدفةً أكثر من 20 مليون مشاهد ومستفيد.
تعرف المزيد على: عيد الأضحى 2025.. متى يبدأ وكل ما تحتاج لمعرفته
وطورت الرئاسة برامج تثقيفية وإرشادية لإثراء تجربة الحجاج خلال موسم الحج 1446هـ، بالإضافة إلى برامج أخرى وصلت إلى أكثر من 25 مليون متابع ومشاهد ومستفيد عبر المنصات الرقمية والتطبيقات الذكية والقنوات الإعلامية.